لاتزال الولايات المتحدة تبحث عن حليف لها في سوريا منذ الانتفاضة التي بدأت في آذار عام 2011.
لكن بينما الائتلافات المعارضة المنفية منهمكة بسبب الاقتتال الداخلي وغياب نفوذ حقيقي داخل سوريا وانتشار المعارضة المسلحة داخل البلاد بالمتطرفين، تتجاهل واشنطن الحليف الطبيعي والقيم على الارجح ، ألا وهو الكورد.
فالكورد يديرون البقعة الاكثر استقرارا وأمانا من سوريا ولازالوا يحاولون تأمين علاقات افضل مع الغرب.
لكن على الرغم من هذا، هناك القليل للحديث عنه في مجال العلاقات. وقد حان الوقت بالنسبة لواشنطن لقبول انه في حال ارادت ان ترى سوريا تعددية وسلمية في نهاية المطاف، فالكورد عندها هم افضل شركائها للمضي قدما.
بخلاف ائتلاف المعارضة الرئيسية، فالمجموعات الكوردية السورية متوحدة. في الواقع، اعلنت كل من المجموعتان الكورديتان الرئيسيتان ” المجلس الوطني الكوردي في سوريا ومجلس الشعب في غربي كوردستان” مؤخرا انهما توصلا لاتفاق حول عدة قضايا جوهرية متضمنة المشاركة الكوردية الموحدة في مؤتمر جنيف الثاني.
لسوء الحظ، لاتبدو واشنطن مهتمة بالمشاركة الكوردية. وفقا لبعض زعماء المجلس الوطني الكوردي في سوريا، فإن سفير الولايات المتحدة الى سوريا روبرت فورد قد ضغط على الكورد ليكونوا جزءا من الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة اكثر من دفعهم الى المشاركة الكوردية في جنيف2.
فقال احمد سليمان مسؤول في المجلس الوطني الكوردي في سوريا ل صوت امريكا:” نحن لا نفهم لم لدى فورد هذا الموقف السلبي تجاه الاحزاب الكوردية”.
لكن هذا النهج يحمل فرصة صغيرة من النجاح، خاصة لما اظهره المجلس الوطني الكوردي من رغبة ضئيلة للاعتراف بالمطالب الكوردية.
في الحقيقة، ذهب المجلس الوطني الكوردي الى حد استنكار اعلان الكورد الاخير للحكم الذاتي: فقالت المجموعة:” اعلانهم للحكم الذاتي يصل لدرجة نشاط مستقل محطما اي علاقة مع الشعب السوري الذي يحارب لتحقيق دولة حرة ومتحدة ومستقلة ، محررة من الطغيان والسيادة على كل اراضيها “.
هذا الفشل بالاعتراف بالمطالب الكوردية هو السبب الجذري للكثير من الشك الكوردي من المعارضة السورية .
صحيح، بدلا من اخذ جيش معد بأسلحة متطورة وقدرات متقدمة على توجيه ضربات جوية، يحاول الكورد حماية منازلهم وبناء حكومة مستقلة شيئا فشيئا. لكن فقط لان الكورد لا يريدون محاربة نظام الاسد نيابة عن شخص آخر لا يعني انهم متعاونون مع النظام.
الصورة اكثر تعقيدا بسبب حقيقة ان تركيا حليفة واشنطن ترفض بقوة اي كيان اومكانة للكورد، كما تطلعت لمنع المشاركة الكوردية في جنيف.
هذه المصالح المتضاربة بين واشنطن وانقرة بالتأكيد تؤكد انه قد حان الوقت للمجتمع الدولي لرسم سياستها الكوردية الخاصة.
الحقيقة هي ان وحدات حماية الشعب الكوردية تستحق التقدير والتقييم لقتالها المجموعات المتطرفة. وتزعم وحدات حماية الشعب انها قتلت حوالي3000 مقاتل من المجموعات الاصولية مثل جبهة النصرة والدولة الاسلامية في الشام والعراق . ومن بين هذه الجهود ايضا الادوار الملفتة للمقاتلات الإناث.
في الوقت نفسه، تعد كوردستان سوريا البقعة الاكثر أمنا واستقرارا من سوريا وكانت ملاذا آمنا لأولئك الذين فروا من العنف.
فالمقصود من التركيز الكوردي على الدفاع عن الارض من وحشية الحكومة وهجمات المتطرفين بدلا من اتخاذ جبهة ودورا مركزيا في الصراع، هو ان يكون العرب والسريان و الشيشان من الجوار قادرين على العيش معا بسلام نسبيا في كوردستان.
في هذا السياق، اعلن الكورد الشهر الفائت عن ادارة مؤقتة لملىء الفراغ الذي خلفه انسحاب النظام من كوردستان عام 2012.
وتهدف الادارة لتقديم خدمات اجتماعية واقتصادية وثقافية وصحية حتى مع ان شعب كوردستان سوريا يعيش في ظل ظروف قاسية مفروضة من قبل المجموعات التابعة لتنظيم القاعدة.
هناك ، على سبيل المثال، نقص في أساسيات الحياة بما فيها الخبز والحليب واغذية الاطفال والمعدات الطبية. ان نقص الكهرباء والوقود يجعل الحياة صعبة للسكان المحليين خلال فصل الشتاء وسيكون تزويد المساعدات خطوة جيدة بالنسبة للعواصم الغربية لاتخاذها فيما أرادوا تعزيز العلاقات مع السكان الذين بإمكانهم تزويدهم بالدعم القيم من اجل اهدافهم.
ستجدها الولايات المتحدة وحلفاؤها في مصالحها الخاصة لايقاف تجاهل الكورد وبدلا من ذلك سترحب بمشاركتهم في جنيف2 ، المؤتمر الذي ينكر الاقلية العرقية الاكبر في سوريا، في اي حالة من الاحوال، لن ينجم عنه اي حلول ناجعة . أظهر الكورد في كل انحاء العالم تضامنهم مع كوردستان سوريا . وقد حان الوقت لتقدم واشنطن على الانضمام اليهم.
المصدر: CNN
ترجمة: شيرين داوود
Pukpb.org خاص